متى كانت آخر مرة شعرت فيها بالملل «عزيزي المختلف ✨»؟
ربما لا تستطيع تذكرها، أليس كذلك؟ 🤔
أغلبنا يتعامل مع الملل كأنه ألم نفسي. في دراسة أجرتها جامعة فرجينيا في 2014، وضعوا مجموعة من المشاركين في غرفة فارغة تمامًا لمدة 15 دقيقة فقط مع وجود صاعق كهربائي. والمفاجأة كانت أن 67% من المشاركين اختاروا اللعب بالصاعق والتعرض لبعض الصعقات الكهربائية بدلاً من الشعور بالملل.
أعتقد، «عزيزي المختلف✨»، أن الملل هو شعور نسبي تمامًا يعتمد على الخيارات المتاحة أمامنا. فمثلًا، وجود قطعة شوكولاتة مقابل تفاحة يجعل الاختيار سهلًا. وبنفس المنطق، عندما تكون الخيارات هي رواية أو كتاب علمي أو هاتف، سنختار في الغالب الهاتف لأنه يمنحنا متعة أكبر. لكن إذا كانت الخيارات محصورة بين الرواية والكتاب العلمي، فغالبًا سنجد الرواية أكثر متعة.
مشكلة عصرنا الحالي تكمن في الخيارات السهلة والرخيصة المتاحة على بعد خطوة منك، وربما بين يديك الآن. لماذا أقرأ وهناك فيديوهات تقدم محتوى أكثر متعة؟ ولماذا أتناول طعامًا صحيًا وهناك خيارات أكثر لذة؟
الأمر يرتبط بهرمون الدوبامين، الذي يُعتبر خطأً هرمون السعادة، لكنه في الحقيقة هرمون الحافز والدافع للحصول على المتعة. عندما نشاهد فيديو يعجبنا، يفرز الجسم هرمون السيروتونين، هرمون السعادة، ما يدفعنا لتجربة الأمر مرة أخرى بدافع من هرمون الدوبامين، طمعًا في المزيد من السعادة. وهذا ما يؤدي إلى السلوك الإدماني، سواءً في التدخين أو المخدرات (حمانا الله منها).
نفس الأمر يحدث مع إدمان الهواتف الذكية، والمطاعم السريعة، والسكريات. حتى أصبحنا كما تصفنا الطبيبة النفسية بجامعة ستانفورد، آنا لمبكي، في كتابها «أمة الدوبامين».
المشكلة ليست في الدوبامين ذاته، «عزيزي المختلف✨»، بل في الجرعات الكبيرة التي نتلقاها وشعور التعاسة المرتبط بارتفاع مستويات الدوبامين بشكل مستمر حتى أصبح المستوى الطبيعي من السعادة غير مرضي دائمًا ونطمح في المزيد. مع توفر الدوبامين الرخيص، أصبح الحافز للصبر على الأمور المفيدة شبه معدوم.
فلماذا أصبر على إكمال كورس سيفيدني في مساري المهني مستقبلًا وأنا أستطيع من مكاني طلب أي شيء من أي مكان يحقق أضعاف السعادة؟ أو فقط بتمرير الشاشة، الوصول لآلاف الفيديوهات والمحتوى الذي يحقق كميات أكبر من هرمون السعادة.
نحن الآن في حرب ضد أنفسنا، ضد المتعة الرخيصة والسعادة اللحظية وجرعات الدوبامين الزائدة. فما الحل؟
كالعادة، أؤمن أنه ليس هناك حل واحد يناسب الجميع، ولكن تسليط الضوء على أن هناك مشكلة يُعد جزءًا كبيرًا من الحل. معرفة المشكلة والاعتراف بها خطوة أولى نحو الحل. بعدها، سنشاركك ببعض الترشيحات التي قد تجد فيها الحل الذي يناسبك، «عزيزي المختلف ✨».
ترشيحات النشرة
نرشّح لك هذه الحلقة من بودكاست غلاف، نناقش فيها كتاب «Slow Productivity» الذي يدعو إلى التمهل في زمن السرعة، وإعطاء الأمور القيمة وقتها المستحق. ندردش عن الاستمتاع بالملل في عصر مليء بالتحفيز الفوري واللحظي الذي يُحدثه هرمون الدوبامين.