هل تستطيع أن تركز على هدفك؟ 🎯

صديقنا العزيز

لنتحدث بصراحة.. كم مرة وجدت نفسك في آخر اليوم تشعر بأنك كنت مشغولًا طوال الوقت، لكنك لم تنجز أي شيء مهم حقًا؟ تجلس أمام شاشة هاتفك، تتنقل بين التطبيقات بلا هدف، بينما قائمة مهامك تنظر إليك من بعيد كأنها توبخك!

هذا ليس قلة ذكاء أو ضعف إرادة، بل هو الأثر الطبيعي لعيشنا في عالم يقتات على تشتيت انتباهنا.

لكن الخبر الجيد يا عزيزي، هو أن استعادة التركيز ممكنة.

هذه السطور أشبه بفنجان قهوة مع صديق، تجد فيها حديثًا هادئًا مستلهمًا من حوار ثري  في «بودكاست غلاف» مع الأستاذ طارق العصيمي، نحاول فيه معًا أن نجد طريقنا للخروج من هذه الدوامة، ونستعيد القدرة على التركيز في حياتنا.

وقد استند هذا الحديث إلى أفكار جوهرية وردت في كتاب «قوة التركيز» حيث يؤكد أن التركيز مهارة قابلة للتدريب، لا موهبة فطرية.

العادات تصنع الإنسان 🔄

دعنا نتفق على حقيقة مهمة: نحن لا نقرر معظم ما نفعله في يومنا؛ لأن هناك قوة خفية تفعل ذلك بالنيابة عنا، وهي «العادات».

تشير الدراسات إلى أن نحو 47% من تصرفاتنا هي مجرد عادات متكررة نقوم بها دون تفكير.

هذا يعني أن يومك يسير على مسارات غير مرئية قمت أنت بحفرها مع مرور الوقت. ومع الأيام، ستصبح أنت نتيجة عاداتك، لا أهدافك.

العادات الصغيرة هي التي ترسم الصورة الكبيرة. فكر في الأمر:

عادة تفقد الهاتف أول شيء في الصباح تبني يومًا من ردود الفعل والتشتت. وعادة تخصيص أول نصف ساعة في يومك لشيء مهم لك تبني يومًا من الإنجاز والهدوء.

كذلك، عادة تصفح الأخبار قبل النوم تترك عقلك في حالة قلق وتأهب، بينما عادة قراءة بضع صفحات من كتاب تمنحك الهدوء.

الأمر أشبه بتوجيه مجرى نهر صغير، فمع الوقت سيحفر هذا المجرى واديًا عميقًا يصعب تغييره.

وهذه العادات لا تنمو من العدم. البيئة حولك هي التي تسقيها، فهي من تقرر إن كان المشهد هادئًا ومركزًا، أم صاخبًا وفوضويًا؛ مثل مكتب مرتب وهادئ يدعوك للعمل، أو هاتف بجانبك يغريك بالإشعارات كل دقيقة…

فقط عليك البدء بتغيير بسيط في مسرحك اليومي، لتشاهد كيف يتغير أداءك.

الجدير بالذكر أن قصص النجاح التي نسمعها ليست مجرد إلهام، بل هي تذكير بأن هناك من استطاع ترتيب بيئته لخدمة أهدافه.

لذا اجعل ما يساعدك على التركيز في متناول يدك، وما يشتتك بعيدًا عن عينك. أجل، الأمر بهذه البساطة حقًا يا عزيزي.

خدعة تعدد المهام ❌

لقد صدّقنا كذبة تعدد المهام لفترة طويلة جدًا، ظننا أن القفز بين البريد الإلكتروني والمحادثات وكتابة تقرير في نفس الوقت هو علامة على الكفاءة.

لكن في الحقيقة، نحن لا ننجز أكثر، بل ننتقل بسرعة بين مهام غير مكتملة، وننهي يومنا بشعور مرهق بأننا لم نضع بصمتنا الحقيقية على أي شيء.

الإنجازات التي تمنحنا شعورًا عميقًا بالرضا لا تأتي من بدء عشرة أشياء، بل من إتمام شيء واحد بشكل جيد.

تأمل الأمر كما لو أنك تسقي حديقة؛ هل من الأفضل أن ترش قطرات ماء متفرقة على كل النباتات، أم أن تسقي نبتة واحدة بعمق حتى ترتوي جذورها؟ الإنجازات العظيمة تأتي دائمًا من التركيز على اتجاه واحد.

قبل أن تضيع في قائمة مهامك، خذ نفسًا عميقًا واسأل نفسك: ما هي أهم مهمة اليوم؟ ما هو الشيء الذي سيشعرني بالتقدم الحقيقي إذا أنجزته؟

ثم امنح هذه المهمة ساعتين من تركيزك الكامل، كأن لا شيء آخر في العالم يهم. هذه الساعتان ستكونان أثمن من ثماني ساعات من العمل المشتت.

كيف تواجه الأيام الصعبة؟ 💪

الحياة ليست سهلة دائمًا يا صديقي، فلا يوجد أحد يحب الأوقات الصعبة، لكنها جزء لا يتجزأ من رحلتنا. والسؤال الذي يطرح نفسه دائمًا: لماذا ينهار البعض في الأزمات بينما يخرج آخرون أقوى؟

الجواب لا يكمن في حجم الأزمة، بل في نظرتنا إليها؛ فكم من أيام صعبة صقلت نفسًا ومنحتها حكمة ومرونة.

التحديات هنا أشبه بتمرين لعضلة الصمود النفسي، ففي كل مرة تواجه فيها صعوبة وتختار ألا تستسلم، تصبح هذه العضلة أقوى.

قدرتك على البقاء واقفًا وسط العاصفة تأتي من تغيير بسيط في زاوية النظر: بدلًا من أن تسأل «لماذا يحدث هذا لي؟» جرّب أن تسأل: «ماذا يمكنني أن أتعلم من هذا؟».

هذا التحوّل ينقلك من مقعد الضحية إلى مقعد القائد في حياتك.

بدلًا من الغرق في الشعور بأنك ضحية الظروف، حاول أن تنظر للتحدي كأنه لغز ينتظر منك أن تحله.

هذا التحول البسيط في التفكير يمنحك القوة ويحافظ على تركيزك موجهًا نحو الحلول لا المشاكل.

وتذكر دائمًا أنك لست وحدك في هذه المعركة.

«دور الناس الذين حولنا ونحن في أزمات» هو طوق النجاة. وجود شخص واحد فقط تستطيع أن تشاركه مخاوفك بصراحة يمكن أن يغيّر كل شيء.

الكمالية والتسويف: الأعداء الصامتون لأهدافك ⚠️

أحيانًا، يكون أكبر عائق أمامنا هو نحن.

في داخل الكثيرين منا، هناك صوت مزعج يهمس بأن ما نفعله ليس جيدًا بما فيه الكفاية. هذا هو صوت أسطورة الكمالية، التي تقتل المتعة والبهجة والنتائج.

الكمالية في جوهرها، ليست سعيًا للجودة، بل هي خوف من أن يتم الحكم علينا.

هذا الخوف هو ما يغذي التسويف، فنحن نؤجل البدء لأننا نخشى ألا نكون على قدر التوقعات.

الحل؟ بأن نسمح لأنفسنا بأن نكون بشرًا، غير كاملين. بأن نبدأ حتى لو لم تكن الخطة مثالية، ونتبنّى شعار «جيد كفاية» وننطلق.

فأن تنجز 80% من المهمة أفضل من أن تظل عالقًا في 0% بانتظار الكمال الذي لن يأتي.

وتذكر دائمًا بأن التقدم أهم ألف مرة من الكمال.

التركيز ليس رحلة فردية 🤝

في سعينا للنجاح، من السهل أن ننسى من حولنا، وقد نضحي بأثمن ما نملك: علاقاتنا.

إدمان العمل قد يحقق أهدافًا مهنية، لكنه يترك خلفه «ضحايا» صامتين في بيوتنا وقلوبنا.

في الحقيقة إن النجاح الذي يجعلك وحيدًا هو أشد أنواع الفشل.

العلاقات الإنسانية الدافئة ليست مضيعة للوقت أو عائقًا أمام التركيز، بل هي ركيزة أساسية، وهي الوقود الذي نحتاجه للاستمرار.

وتُعدّ مصدر الدعم الذي نلجأ إليه في أوقات الشدة، ومصدر الفرح الذي يذكرنا بمعنى الحياة.

فكرة «كرسي الاعتراف» التي طرحت في الحلقة تمثل تلك المحادثات الصادقة والعميقة مع شخص نثق به، وهي أداة قوية للنمو الشخصي. تذكّرنا بأهمية أن نكون ضعفاء وصادقين مع من نثق بهم.

عندما نعبر عن مشاكلنا بصوت عالٍ، نتمكن من رؤيتها بحجمها الحقيقي، مما يفتح لنا المجال لإيجاد الحلول.

هذه اللحظات من الانكشاف هي التي تبني علاقات حقيقية، وتساعدنا على رؤية أنفسنا بوضوح.

خلاصة القول يا عزيزي 🎬

استعادة التركيز لا تعني أن تصبح آلة إنتاجية، بل أن تصبح أكثر حضورًا في حياتك، أن تختار بوعي أين تضع طاقتك ووقتك، وأن تبني حياة هادئة تشبهك، لتكون ذات معنى في عالم صاخب.

عليك أن تدرك أن قيمتك ليست في كمية ما تنجزه، بل في عمق ما تقدمه.

ابدأ اليوم، بخطوة واحدة صغيرة، وكن لطيفًا مع نفسك في هذه الرحلة، واحتفل بكل تقدم، مهما كان بسيطًا.

اشترك الآن في نشرتنا البريدية

ترشيحات النشرة

نرشّح لك حلقة ثرية من «بودكاست غلاف» مع أ. طارق العصيمي، يغوص فيها في معنى التركيز في زمن المشتتات، ويتناول كيف تؤثر العادات والانتباه على جودة حياتنا.

حلقة تساعدك على استعادة زمام التركيز، وتقديم الأفضل في عالم مزدحم بكل شيء.

🎧 استمع للحلقة كاملة الآن!

مبدأ انتظر (W.A.I.T. Acronym) ✋

قبل أن تتحدث في اجتماع أو نقاش، توقّف واسأل نفسك: لماذا أتحدث أنا؟

«?Why Am I Talking» 🤔

هذا السؤال البسيط يساعدك على كبح الاندفاع للكلام، ويجعلك تستمع أكثر وتتحدث فقط عندما يكون لديك شيء قيّم لتضيفه.

Scroll to Top