قبل أن تقول نعم ⚠️

مرحبًا بك في بداية أسبوع مهني جديد! 👋

نحن نؤمن أن العمل ليس مجرد وسيلة للعيش، بل مساحة للنمو، للتأثير، وللاكتشاف الذاتي.

نقضي ثلث حياتنا في وظائفنا، ولذا فإن سعادتنا في العمل تنعكس مباشرة على حياتنا كلها.

هدفنا أن يعيش كل شخص يومه المهني وفق قيمه وقدراته وظروفه، لذلك جعلنا اختيار المهنة وتطويرها همّنا الأساسي.

لكن الطريق نحو الرضا المهني ليس دائمًا سلسًا؛ فالتحديات الداخلية تبدأ في أعماق عقولنا، وتترك بصمتها على قراراتنا اليومية.

لهذا، نأتيك اليوم بعددٍ استثنائي يمس جوهر تجربتنا المهنية، ويفتح لك أبواب فهم أعمق لنفسك ولمسار اختياراتك.

في هذا العدد، نأخذك في رحلة لفهم نفسك بشكل أعمق، لتتعلم كيف تتحكم بغضبك قبل أن يسيطر عليك، وكيف تحوّل لحظات الغضب والتوتر والندم إلى فرص للنمو، وكيف تستخدم «تأطير الخوف» لتواجه التردد وتتخذ قراراتك المهنية بثقة ووضوح.

هيا لنكتشف معًا كيف نحوّل التحديات المهنية إلى فرص حقيقية.

لماذا نندم في ثوانٍ على ما فعلناه في لحظة؟

هناك لحظات في حياتنا، نشعر بعدها وكأننا غرباء عن أنفسنا، لحظات يعقبها صمت ثقيل، وصدى كلمات لم نكن نرغب في قولها، وأثر أفعال نتمنى لو أننا لم نقم بها.

هي تلك اللحظة التي يتلاشى فيها غبار الغضب، فترى حجم الضرر الذي أحدثته في ثوانٍ معدودة. تسأل نفسك بصوت خافت يملؤه الندم: «هل كنت أنا من فعل ذلك حقًا؟».

هذا هو صراع الإنسانية الأزلي، صراع بين بوصلتنا الداخلية التي نسميها «المشاعر»، وبين قدرتنا على قيادة سفينة حياتنا بحكمة واتزان. فالمشاعر، التي وُجدت لتكون نظام إنذار مبكر يرشدنا ويحمينا، قد تتحول في لحظة إلى قبطان متهور يوجه سفينتنا نحو الجليد.

ولهذا السبب تحديدًا، شعرنا بضرورة إنتاج حلقة تكون بمثابة دليل استخدام، خريطة طريق لأكثر الآلات تعقيدًا وإبهارًا في الكون: أنفسنا.

في حلقتنا الأخيرة من بودكاست «حقيبة»، قررنا أن نغوص في أعماق هذا الموضوع، لنفكك شيفرة الانفعالات ونقدم دليلًا عمليًا لفن السيطرة عليها، قبل أن تسيطر هي علينا.

لغز ردود أفعالنا السريعة

دعنا نبدأ من غرفة التحكم، من دماغك. تخيل أن بداخلك مهندسين اثنين: الأول مهندس طوارئ، قديم جدًا، يعمل في جزء من الدماغ يسمى «اللوزة الدماغية».

هذا المهندس لا ينام، وهو سريع بشكل لا يصدق، وظيفته الوحيدة هي النجاة. لا يهتم باللباقة أو العواقب، إذا شعر بالخطر، يضغط على كل الأزرار الحمراء فورًا. ردة فعله تسافر بسرعة 120 كيلومترًا في الثانية.

أما المهندس الثاني، فهو المدير الحكيم، يسكن في القشرة الأمامية من الدماغ، وهو أحدث وأكثر تطورًا. هذا المدير مسؤول عن القيم، الأخلاق، التفكير المنطقي، واتخاذ القرارات الصائبة. لكن مشكلته أنه بطيء، يحتاج إلى وقت ليصل إلى غرفة التحكم ويقيّم الموقف.

ما يحدث في لحظة الغضب هو أن مهندس الطوارئ يستولي على النظام قبل أن يصل المدير الحكيم.

فهو يرى تهديدًا (سائق يقطع عليك الطريق، كلمة مستفزة من زميل، تصرف خاطئ من ابنك)، فيستدعي فورًا ملفًا قديمًا من «أرشيف الطفولة» عن مواقف مشابهة، ويطلق ردة فعل تلقائية مدمرة. وبعد أن ينتهي كل شيء، يصل المدير الحكيم إلى المشهد، ينظر حوله في أسى، وهنا يبدأ شعورك بالندم.

إذًا، المسألة ليست أنك شخص سيء، بل هي مسألة «سباق سرعات» داخل دماغك. والقيمة هنا هي أن تفهم أنك لست أسيرًا لهذه البرمجة القديمة، بل يمكنك تدريب المدير الحكيم ليصل أسرع في المرة القادمة.

قصة الكأس الذي يفيض

لفهم كيف تتراكم الانفعالات، دعنا نروي قصة يوم من حياتنا قد تبدو مألوفة جدًا.

تخيل أنك استيقظت في صباح شتوي بارد.

دخلت للاستحمام، لتفاجأ بدفعة ماء جليدي تضرب جسدك. هنا، يمتلئ جزء صغير من «كأس انفعالاتك» بالضيق.

وأنت تخرج مسرعًا، يرتطم إصبع قدمك الصغير بحافة الباب، فيمتلئ الكأس أكثر بالألم والغضب، تنزل إلى سيارتك لتجد أحد إطاراتها فارغًا. يمتلئ الكأس أكثر وأكثر. يتصل بك مديرك ليوبخك على التأخير، فيمتلئ الكأس حتى حافته.

تصل أخيرًا إلى مكتبك، منهكًا وممتلئًا حتى الاختناق. يقابلك زميلك المبتسم عبد الله، ويقول لك ببشاشة: «صباح الخير». في هذه اللحظة، وبدون أي ذنب منه، يفيض كأسك عليه.

قد يكون ردك جافًا، أو قاسيًا، أو تتجاهله تمامًا. أنت لم تنفجر بسبب «صباح الخير»، بل انفجرت بسبب كل ما حدث قبلها. لقد كان عبد الله مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير.

هذه القصة تحدث معنا جميعًا بأشكال مختلفة.

نحمل معنا ضغوطات العمل إلى المنزل، فنفرغها في وجوه أطفالنا، ونحمل مشاكل المنزل إلى العمل، فتؤثر على علاقتنا بزملائنا.

المشكلة ليست في الأحداث نفسها، بل في تركنا للكأس يمتلئ دون تفريغ.

منهجية فن تفريغ الكأس

الآن، دعنا نعد شريط القصة إلى الوراء، ونطبق منهجية «تفريغ الكأس» التي تحدثنا عنها في الحلقة، هذه المنهجية لا تغير الأحداث، بل تغير نظرتك إليها، وهذا هو سر القوة الحقيقية.

الدش البارد: بدلًا من الشعور بالضيق، تذكر أن الأطباء ينصحون بالماء البارد لتنشيط الدورة الدموية وتقوية المناعة. قل لنفسك: «الحمد لله، لقد منحني الله فرصة لم أكن سأختارها بنفسي لتحسين صحتي». هنا، أنت تفرغ أول دفعة من الانفعال السلبي.

صدمة إصبع القدم: تذكر الحديث الشريف بأن المصائب التي تصيبنا قد تكون تكفيرًا لذنوبنا، أو دفعًا لبلاء أعظم كان في طريقه إلينا. قل لنفسك: «الحمد لله، لعلها دفعت عني شرًا أكبر». أنت الآن تفرغ الدفعة الثانية.

الإطار الفارغ: هذا التأخير، هل هو حقًا نقمة؟ ماذا لو كان رحمة خفية؟ ربما أخرك الله عن حادث كان ينتظرك في تقاطع الطريق. ربما منحك فرصة لتستمع إلى شيء مفيد في سيارتك أثناء انتظار المساعدة. قل: «الحمد لله، لعله خير». لقد فرغت جزءًا كبيرًا من الكأس الآن.

توبيخ المدير: الخصم من الراتب مؤلم. لكن فكر فيه كفرصة لتطهير مالك. كم دقيقة أهدرناها في العمل على وسائل التواصل الاجتماعي أو في أحاديث جانبية؟ اعتبر هذا الخصم تصفية للحساب، وفرصة للبدء من جديد بجدية أكبر. قل: «الحمد لله، لعل الله أراد أن يطهر رزقي».

بهذه الطريقة، عندما تصل إلى مكتبك، سيكون كأسك فارغًا تمامًا، وحين يقابلك عبد الله بابتسامته، سترد عليه بابتسامة أكبر، لأنك لم تعد تحمل ثقل يومك على كتفيك، بل حولت كل تحدٍ إلى فرصة للشكر والنمو.

ففي النهاية يا صديقي، التحكم في الانفعالات لا يعني أن تصبح إنسانًا آليًا باردًا. على العكس، هو أن تشعر بكل شيء بعمق أكبر، لكن دون أن تسمح لموجة عابرة بأن تغرقك.

هو أن تحول طاقة الغضب الهائلة من نار تحرق، إلى وقود يدفعك نحو التغيير الإيجابي.

✦ نصيحتنا الأولى لك

كن المراقب الصامت لمشاعرك. شاهدها تأتي وتذهب مثل السحاب في السماء، دون أن تتماهى معها.

أنت لست غضبك، أنت السماء التي يمر بها الغضب.

✦ نصيحتنا الثانية

تحمل مسؤولية ردود أفعالك بنسبة 100%. لا تقل «هو استفزني». قل «أنا اخترت أن أنفعل». هذه النقلة في التفكير تعيد إليك القوة كاملة.

✦ نصيحتنا الأخيرة

عامل كل موقف مزعج كأنه تمرين في صالة رياضية لتقوية عضلة الحلم والصبر، فكلما زادت التحديات، أصبحت أقوى.

تذكر دائمًا، أن كل لحظة تمتلك فيها نفسك عند الغضب، هي انتصار صغير تبني به حياة عظيمة.

حياة يسودها السلام الداخلي، وعلاقات أعمق، ونجاح لا يقاس بالمال أو المناصب، بل بالقدرة على أن تكون أنت القائد الحقيقي لسفينتك في خضم أعنف العواصف. ✨

اشترك الآن في نشرتنا البريدية

«تأطير الخوف» (Fear-Setting): الطريق لتجاوز التردد 🛡️

كثير منّا يتردد أمام القرارات الكبيرة: تغيير وظيفة، بدء مشروع، أو حتى اتخاذ خطوة شخصية مهمة.

السبب عادةً ليس الجهل بما نريد، بل الخوف مما قد يحدث إن فشلنا، وهنا يبرز مفهوم «تأطير الخوف» (Fear-Setting)، الذي ابتكره الكاتب ورائد الأعمال تيم فيريس، كأداة عملية لمواجهة هذا التردد.

الفكرة ببساطة أن تجلس مع نفسك، وتمسك قلمًا وورقة، وتواجه مخاوفك وجهاً لوجه، بدل أن تتركها تتضخم في رأسك.

كيف تطبّق «تأطير الخوف»؟

1️⃣ اكتب أسوأ سيناريو ممكن.

تخيل القرار الذي تفكر فيه، واسأل نفسك: ما أسوأ ما قد يحدث فعلًا؟

اكتب كل الاحتمالات المزعجة مهما بدت مخيفة: فقدان المال، الرفض، الفشل أمام الآخرين، أو حتى ضياع الوقت. المهم أن تنقل هذه المخاوف من رأسك إلى الورق.

2️⃣ فكّر في كيفية منعه.

لكل احتمال سلبي، اسأل نفسك: ما الذي يمكنني فعله لأقلّل احتمال حدوثه؟

مثلًا: إذا كنت تخاف من الفشل في مقابلة عمل، يمكنك أن تستعد بقراءة عن الشركة والتدرّب على الأسئلة الشائعة. إذا كنت تخشى خسارة المال في مشروع، ضع خطة مالية بديلة أو ابدأ صغيرًا.

3️⃣ خطط لإصلاحه إذا حدث.

افترض أن أسوأ سيناريو قد وقع بالفعل، ماذا ستفعل؟

تخيل الحلول الواقعية: إذا خسرت المال، قد تعود لوظيفة مؤقتة.

إذا فشلت مقابلة، هناك مئات الفرص الأخرى. بمجرد أن ترى أن «الإصلاح» ممكن، يقل حجم الخوف في داخلك.

لماذا هذه الطريقة فعّالة؟

لأنها تضع الخوف تحت المجهر.

غالبًا ما تكون مخاوفنا مشوَّشة وغير محددة، مما يجعلها أكبر من حجمها. لكن عندما نكتبها، ونفكر في طرق منعها وإصلاحها، نكتشف أن معظمها قابل للإدارة. بل ونكتشف أن أسوأ السيناريوهات نادرًا ما تكون «نهاية العالم» كما نتخيل.

الخلاصة 🌟

«تأطير الخوف» ليس مجرد تمرين عقلي، بل هو وسيلة عملية تمنحك شجاعة لتتحرك نحو ما تريده. عندما تعطي مخاوفك إطارًا، تفقد الكثير من قوتها.

في النهاية، القرار الذي تؤجله اليوم خوفًا، قد يكون هو الباب الذي يفتح لك غدًا حياة مختلفة تمامًا.

هدية مختلفة.. اخترناها لك! 🎁

هدية الأسبوع: قبل أن توقع على عقد وظيفتك 📝

في رحلة البحث عن الوظيفة، كثيرًا ما نركز على الراتب والمسمى الوظيفي، وننسى الأمور الجوهرية التي تصنع فرقًا حقيقيًا في حياتنا المهنية والشخصية.

هل تساءلت يومًا ما الذي يجعل تجربة العمل ناجحة حقًا؟ أو كيف تختار الوظيفة التي تمنحك الرضا والنمو، لا مجرد الدخل؟

لهذا، نقدم لك هذا الأسبوع حلقة يجب أن تستمع إليها بتمعن قبل أن تخطو أي خطوة في عالم الوظائف. حلقة ستعيد تعريف مفهومك للعمل وتمنحك بوصلة لاختياراتك المستقبلية.

في هذه الحلقة من «بودكاست أروقة» نستضيف المتخصص في الموارد البشرية الأستاذ مصطفى أحمد، الذي يشاركك خبرته العميقة ونصائحه الذهبية حول الأمور التي يجب عليك الانتباه لها قبل قبول أي عرض وظيفي.

هي خلاصة تجارب واقعية ستفتح عينيك على زوايا لم تفكر بها، وتساعدك على اتخاذ قرارات مستنيرة ترسم ملامح مستقبلك المهني بوضوح.

◀️ انتبه لهذه الأمور قبل أن تقدم على أي وظيفة | بودكاست أروقة

إلى هنا نصل إلى ختام نشرتنا لهذا الأسبوع.

نتمنى أن تكون هذه الرحلة قد أضاءت لك زوايا جديدة في فهم نفسك ومسارك المهني. ✨

لا تتردد في مشاركة رأيك أو أي سؤال يخطر في بالك بالرد على هذا البريد.

كل رد يصلنا مباشرة، وكل كلمة منك محل اهتمامنا وتقديرنا.

وإلى أن نلتقي مجددًا مساء الأحد المقبل بإذن الله، نتمنى لك أوقاتًا ملهمة وخطوات واثقة نحو ما تحب.

كن بخير، وابقَ قريبًا! 🤍

Scroll to Top