
أهلًا بك يا صديقي في نشرتنا الأسبوعية، التي تصلك كل مساء أحد. 💌
هذا الأسبوع، سنتوقف عند «بودكاست عوالم».
البودكاست الذي يجوب بنا ثقافات العمل حول العالم، ويغوص في عادات الشعوب وتقاليدها، شارحًا ومفسرًا كل ما هو غريب ومختلف، لنبني جسورًا من الفهم بيننا وبين الآخر.
وجهتنا هذه المرة ستكون بعيدة جدًا، ومختلفة جدًا… وجهتنا هي الصين. 🇨🇳🐉
«الغول الذي صنعناه بأيدينا: قصة الصين التي لا تعرفها»
عزيزي المختلف، هل سبق لك أن رسمت صورة كاملة في خيالك عن مكان لم تزره قط؟ أو عن أناس لم تقابلهم يومًا؟ كلنا نفعل ذلك.
نحن ننسج حكاياتنا الخاصة من قصاصات الأفلام، ومن العناوين الإخبارية الصاخبة، ومن تلك الشائعات التي تنتقل بيننا كالنار في الهشيم.
نبني جدرانًا من الخوف بيننا وبين الآخر، ونصنع غولًا في أذهاننا، ثم نصدق بوجوده ونخشى الاقتراب منه.
هذا هو حالنا مع الكثير من بقاع الأرض، وربما تكون «الصين» هي المثال الأكثر صخبًا.
صورة ذهنية ضخمة، مرعبة أحيانًا، وغامضة دائمًا.
لكن ماذا لو كانت هذه الصورة التي نحملها في أذهاننا ليست سوى خدعة؟ ماذا لو كان الغول الذي نخافه هو مجرد ظل صنعناه بأيدينا؟
اليوم، لن نتحدث عن الصين التي تراها في نشرات الأخبار، بل سنذهب في رحلة إنسانية حقيقية تكشف لنا ما خلف الستار، من خلال عيون المهندس جميل خنكار.
سنكسر معًا جدار الخوف، ونتعلم أن الحقيقة دائمًا أبسط، وأكثر دفئًا، وأشد إنسانية مما نتخيل. استعد، لأن هذه الرحلة قد تغير نظرتك ليس للصين فحسب، بل للعالم كله.
«هل يأكلون كل ما يتحرك؟» 🍲
دعنا نبدأ من النقطة الأكثر إثارة للجدل، تلك الشائعة التي تتردد في كل مجلس وتُستخدم كدليل إدانة: أن الصينيين يأكلون كل ما يتحرك على الأرض.
هذه الفكرة، التي تثير فينا مزيجًا من الاشمئزاز والدهشة، هي مثال صارخ على كيف يمكن لفكرة واحدة أن تختزل ثقافة تمتد لآلاف السنين في صورة كاريكاتورية مشوهة.
نحن نتمسك بهذه الصور النمطية لأنها سهلة.
من الأسهل أن نحكم على أمة بأكملها من خلال أغرب عاداتها الغذائية، بدلًا من أن نبذل جهدًا لفهم تاريخها وفلسفتها وقيمها، نحن نستخدم الطعام كجدار، كخط فاصل بين «نحن» المتحضرين و«هم» الغرباء.
إنه شعور مؤلم أن تُختزل هويتك في لقمة طعام، وأن يُبنى جدار من الخوف بينك وبين العالم بسبب طبق قد لا يمثل إلا جزءًا ضئيلًا من الحقيقة.
قصة جميل خنكار تعلمنا الدرس الأول:
لكي تفهم عالمًا جديدًا، عليك أن تضع أحكامك المسبقة جانبًا.
عليك أن تقترب بقلب مفتوح وعقل فضولي، لا بلسان يصدر الأحكام. فخلف كل طبق غريب، هناك قصة عن الجغرافيا، والتاريخ، والحاجة، والبقاء. وعندما نفهم القصة، يذوب الخوف ويحل محله الفضول، ثم ربما الاحترام.
«الطابق الرابع المفقود، وسر الوقت الذي لا يضيع» 🏢
حين تصل إلى الصين، قد تلاحظ شيئًا غريبًا في المصاعد. قد تجد أن الأزرار تقفز من الطابق الثالث إلى الخامس مباشرةً.
أين الطابق الرابع؟ إنه هناك، لكنه مخفي خلف ستار من الإيمان والمعتقد. في اللغة الصينية، نطق الرقم أربعة «صي» يشبه إلى حد كبير نطق كلمة «موت».
ومن هذا التشابه الصوتي البسيط، وُلد اعتقاد راسخ بأن هذا الرقم مشؤوم!
قد يبدو هذا الأمر غريبًا لنا، لكنه يفتح نافذة على روح هذه الثقافة. إنه يريك كيف يمكن للغة والرمز أن يتغلغلا في تفاصيل الحياة اليومية، من تصميم المباني إلى أرقام الهواتف.
كأنه يخبرك أن هناك منطقًا آخر للعالم، طريقة مختلفة للنظر إلى الأشياء، لا يمكن فهمها بعقلنا المعتاد.
وفي مقابل هذا الخوف من رقم، تجد احترامًا وتقديسًا أسطوريًا لشيء آخر: الوقت.
الوقت في الصين ليس مجرد دقائق وساعات، بل هو عملة نادرة، ومقياس للجدية، وعنوان للاحترام. أن تتأخر عن موعدك ليس مجرد خطأ بسيط، بل هو إهانة عميقة.
وهنا نقف أمام أنفسنا ونتساءل: كم مرة تعاملنا مع الوقت باستخفاف؟ كم مرة أضعنا ساعات ثمينة في لا شيء؟
هذه المفارقة بين الخوف من رقم وتقديس الزمن تعلمنا درسًا ثانيًا: لكل ثقافة أولوياتها ومخاوفها، وفهم هذه الأولويات هو مفتاح فهم شعبها.
«بين الدراسة والعمل: كيف يفكر الصينيون؟» 📚💼
عاش ضيف الحلقة رحلة طويلة في الصين، بدأت بمنحة دراسية وانتهت بالعمل في قلب هذا التنين الاقتصادي.
في الجامعة، اكتشف أن النظام التعليمي لا يركز على الحفظ والتلقين بقدر ما يركز على التطبيق العملي والمثابرة.
الفشل ليس وصمة عار، بل هو جزء طبيعي من عملية التعلم.
أما في بيئة العمل، فالجدية والالتزام والنظرة بعيدة المدى هي السمات الأساسية.
ولعل أول ما يصدمك هو ما يُعرف بنظام (996): العمل من التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساءً، ستة أيام في الأسبوع!
هذا النظام يعكس تقديسًا أسطوريًا للوقت، ويفسر قدرتهم المذهلة على إنجاز مشاريع عملاقة في وقت قياسي.
لكن هل الحياة في الصين عمل فقط؟ هنا تكمن المفاجأة.
إذا كان نظام (996) هو وجه العمل الصارم، فإن «القوانشي» (Guanxi) هي روحه الخفية.
هذه الكلمة تعني شبكة العلاقات الشخصية القائمة على الثقة والمنفعة المتبادلة.
زميلك في العمل ليس مجرد زميل، بل هو جزء من شبكتك الاجتماعية التي قد تحدد مصيرك المهني!
بناء «القوانشي» هو فن بحد ذاته، وهو السر الذي لا يخبرك به أحد للنجاح في الصين، حيث تمزج الثقافة بين الصرامة المهنية والدفء الاجتماعي.
«رسالة أخيرة من أرض التنين» 📖
في النهاية، ما تعلمناه من هذه الحلقة يتجاوز مجرد معلومات عن الصين.
تعلمنا أن العالم أكبر بكثير من الصور النمطية التي نستهلكها يوميًا، وأن خلف كل عادة غريبة، هناك منطق إنساني عميق وتاريخ طويل يستحق منا كل الاحترام.
الصين ليست مجرد مصانع وأسواق، بل هي حضارة عريقة ومجتمع معقد، له ما له وعليه ما عليه، تمامًا مثلنا!
«ما لم يُروَ بعد في الحلقة..» 🔍
ما قرأته يا صديقي ليس سوى قشور الحكاية.
فالنشرة لم تتسع للحديث عن تفاصيل صادمة أخرى:
✦ «ثقافة حفظ ماء الوجه»: كيف أن انتقاد زميل لك علنًا قد يدمر علاقتك به إلى الأبد.
✦ «هرمية السلطة الصارمة»: لماذا لا يمكنك أبدًا تحدي مديرك في اجتماع عام.
✦ «قيلولة المكتب الإلزامية»: كيف أن بعض الشركات تطفئ الأنوار ظهرًا لتجبر الموظفين على أخذ قسط من الراحة لزيادة الإنتاجية.
كل هذه التفاصيل، بالإضافة إلى قصة المهندس جميل الشخصية، تجدها كاملةً في الحلقة.
ستجد فيها دليلًا عمليًا ونصائح لا تقدر بثمن.
فهذه الحلقة بمثابة خارطة طريق لكل من يطمح للعمل في الصين.
شاركها مع صديقك المهتم، وامنحه الدليل الذي سيوفر عليه سنوات من التجربة والخطأ.

قبل أن أودعك، اسمح لي أن أتركك مع الكلمات الثلاث التي علمنا إياها المهندس جميل، لتكون بداية رحلتك الخاصة مع اللغة الصينية:
❍ نيهاو (你好): مرحبًا
❍ شي شي (谢谢): شكرًا
❍ زاي جيان (再见): وداعًا
ألقاك مساء الأحد القادم، في رحلة جديدة مع حلقة ثرية من «إذاعة مختلف».
زاي جيان! 👋
اشترك الآن في نشرتنا البريدية

تأثير بن فرانكلين (The Ben Franklin Effect) ✨
عندما تطلب خدمة صغيرة من شخص ما، فإنه يميل إلى محبتك وتقديرك أكثر، وليس العكس.
إنها طريقة ذكية لبناء علاقات قائمة على المساعدة المتبادلة. 🤝
هذا التأثير يوضح أن الناس يشعرون بالارتباط بمن يطلب منهم المساعدة، حتى لو كانت صغيرة، لأنهم يرون في تقديمها دليلًا على حسن نواياهم ورغبتهم في التعاون.
لذلك، أحيانًا أفضل طريقة لكسب تقدير الآخرين ليست أن تقدم لهم هدايا أو مديحًا، بل أن تطلب منهم خدمة بسيطة بطريقة ودية ومحترمة.
فكرة للنقل إلى حياتك اليومية! 💡
جرب أن تطلب من زميل أو صديق مساعدة صغيرة، ولاحظ كيف يتغير شعوره نحوك ويزداد تقديره لك.